الرحمة يا رب
كانت هنية من أ جمل فتيات القرية وكان هنداوى شاب فقير ولكنه يافع لديه قطعة أرض صغيرة يزرعها بنفسه وقد جمع حب برئ بينهمما كلله بالزواج.وانجبا ولدين تؤام تعهد على رعيتهما وتربيتهما وادخلهما المدرسة وقد نجح أحمد وتدرج فى سنوات الدراسة واحدة تلو الاخرى فى حين لم ينجح حسين حيث انه لم تكن تستهويه المذاكرة ولكن كان مزارع جيد تشهد له كل مجالس القرية فى حين ان احمد كلما تدرج فى دراسته كلما ازداد اغتربا عن اسرته وأهل بلده.ومرت الايام وكبر هنداوى وكبرت هنية وكذلك كبر الولدين
وأصبح أحمد مدرس ابتدائى وتعين فى المدرسة التى فى المركز ووقع اختياره على احدى بنات القرية التى نالت قسط من التعليم وقسط أكبر من الجمال والدلال واصر على ان يتزوجها ويسكن بها فى احدى بيوت المركز مما كلف والديه الكثير وارهقهما واخوه بالديون كى تتم الزيجة بالصورة التى يرتضيها احمد لنفسه ومركزه.
واستقر أحمد ما بين حياته فى المدرسة وحياته مع زوجته ونسى اسرته والديون التى اغرقهم فيها من أجل زواجه بينما أخد حسين يجد فى ارضهم ويعمل فى الاراضى المجاورة اثناء جمع المحصول لكن يحصل على اجر مضاعف لكى يكفل حياته وحياة والديه وسداد الديون.
وكان ارتبط من الصغر بالحب مع فتاة من اهل القريبة جميلة ورقيقة ويتيمة الام والاب وكانت دائما ما تذهب لامه وترعها وتساعدها فى يوم الخيبزولكنه لم يستطع ان يتقدم لها فاليد قصيرة والعين بصيرة.
واستمر يكد عام بأكمله صيفا وشتاء.
ومن حين لاخر يحن الاب والام لاحمد ولكنه لا ياتى الا قليلافى الاعياد والمناسبا ت وانجب طفله الاول ولكن الجدان لما يسعدا به كفاية حيث انه مشغول تماما أو هكذا يدعى.
وقرار حسين بعد ان تجمع معه بعض النقود القليلة ان يحقق حلمه والزواج من البنت الذى اختارها قلبه
وتحدث لاخيه ولكن أخيه سرعان ما عاد للبلد وقام بثورة عارمة هو وزوجته على حسين على سبيل وهتتجوز منين وتسكن فين وامك وابوك هترميهم........................
وقابل حسين كل هذه الثورة بهدوء وانه هيتجوز بامكانيات بسيطة ومع امه وابوه وسوف يظل يرعهم ما دام حى يرزق.
وهنا تفجرت الثورة الحقيقية وهو ان هذا البيت ليس ملكه لوحده ولكن له نصيب فيه وفى الارض ايضا.
وهنا ارتعدت اوصال كلا من الاب والام ولكن اخفيا ذلك ودخلا غرفتهما وهما يتسائلا هلى اخطا يوما فى تربية ابنهما واين كان عندما اصر على الزواج وتداين اخوه لزواجه وسدد دينه كاملا.
واجمعا على زواج ابنهما معه وبالفعل تزوج حسين وعاش مع زوجته اسعد ايام حياته يظلل عليهما حب الاب والام وما كان ينقصهما الا رؤية ابنهما احمد وولده وبنته.
وانجبت زوجة حسين بنت جميلة سعدت بها الام كثيروسعدت اكثر بزوجة حسين التى اعتبرتها ابنتها التى لم تنجبها فكانت تخدمها وترعها وتدللها هى وهنداوى كثير فقد حرمت صغيرة من ابويها فاخدتهم اب وام لها وكفلت لهما كل الرعاية .
ولم يهدأ بال أحمد وزوجته فهما يطمعا فى ميراث قليل قليل واتجه تفكيرهما لاستضافة احد الوالدين على اعتبار ان من حقه هو وزوجته واولادهما ان يستمتعا بصحبة الجدان .
وعادا الى القرية وكلهما ندم وشجن لما فعلاه اخر مرة وطلب من الام ان تأتى للمكوث معهما فترة من الوقت لان الطفلين متعلقان بهما كثيرا. واستجبت هنية وهى سعيدة لان ابنها عاد الى احضانها من جديد
وذهبت الام وكلها شوق وظلت معهما فترة فى سعادة ثم بعد ذلك بدا أحمد وزجته بالتبادل يشكيان صعوبة العيش والغلاء وطلبات الطفلين
واحسيت الام بالم على ولدها وانها كانت لا تعلم ذلك وتظلمه على رغم انه مدرس ولا يرجع الى البيت الا عند منتصف الليل ولكن الام لا تدرى ولا تعى شئ وكانت تحلى يدها بقطعتين من الغوايش القديمة التى كانت هى شبكتها وقضيت ليلتها تفكر ام فيه ابنها ام ذكرى قديمة واتعبها التفكير واذن الفجر فقامت لتصلى وقد حسمت أمرها فاختارت ابنها وفى الصباح قبل ان ينزل لعمله كانت قد خلعت القطعتين واعطتهما لولدها.
فتمتم بالشكر لامه وعاش فترة اخرى من الوقت فى سعادة وهى فرحة بالطفلين الصغيرين تمرح معهما
ولكن زوجة أحمد بدات تشعر ان الام اصبحت حمل عليها ولم تعد معها شئ لياخذه منها فبدات تطلب من المراة العجوز اعمال تنجزها فى المنزل وبعد ان كانت الاعمال بسيطة أصبحت ثقيلة لا تستحملها العجوز ولكن ما باليد حيلة ويوم بعد يوم تذبل وتشحب ولكن لا تستطيع الشكوى وكلما اتصل حسين ليطمئن عليها يرد اخاه ويطمئنه وياسف له بانها بعيدة ولا تستطيع الرد عليه.
ولكن قلب حسين دب فيه القلق على امه وسافر اليها و تظاهر احمد وزوجته فى الترحيب بحسين وبالغا فى ذلك ولكنه وجد أمه ليست بحالتها فاصر على أخذها معه وانهم يفتقدوها كثيرا ففرحت الام لذلك ولكن لم تظهر فرحتها ولملمت اشياءها البسيط وودعت الطفلين الصغيرين وسافرت مع ولدها
وهو يحاول معرفة ما بهل ولكنها لا تجيب تغلق صدرها على حسرتها ولا تتكلم وهى تشكى من حملته فى بطنها وعلى كتفها.
ولكن هيهات ان يكتفى أحمد بما حدث ولكنه عاد مرة أخرى لياخذ اباه معه وفرح الاب ولكن بان على الام الجزع واحس بها حسين وحاول منع احمد من أخذ أبوه ولكنه لم بستطع حيث انه لا يفهم .
وسافر الاب مع ابنه وزوجته والطفلين
وهنية لا تنام وتزداد قلقا على زوجها ولكن لا تتكلم وما حدث معها حدث معه وبدا معه بالسعادة والهنا ومن ثم الشكوى والانين حتى اعط لولده كل ما معه من مال ومن ثم ضاقا به وفى يوم نزل ابنه الى عمله وتحدثت اليه زوجة ابنه بان الجيران اصبحوا يحدثوها بانه لا يصح ان تجلس مع حماه لوحدهما فى البيت
وارتعد الرجل وقال لها انتى ابنتى ومعنا احفادى ولكنها بكت وان ليس لها يد فى كلام الناس وان زوجها يعود بعد منتصف الليل.
فنزل الرجل العجوز الى الشارع ليس له هدف ولا يعرف شيئا وليس معه نقود .
ودخل الجامع ليجلس به ومر يومه الاول بدون اكل ولا شرب ولما عاد الى البيت توجه الى ولده واخبره انه يريد العودة لبلده فرفض ولده : ولماذا يا ابى أأنت تحب حسين أكثر منى أأنا مقصر معك ولم يستطع الاب بالبوح له بما حدث لا يعرف لماذا لخوفه على استقرار بيت ولده اما لخوفه من رد فعل ولده الذى يخاف ان يراه ويتحسر على عمره
واستمر الحال وظن الناس ان شحاذ وكل يوم احدهم ياتى له بطعام او شراب وهو كل يوم يزداد بؤس وانكسار وبدا يشعر بان ابنه يعلم بما يحدث ولا يهتم
وهنية تزداد وجعا كل يوم وكلما سال حسين على ابوه طمأنه اخوه بانه بخير
ولكن ما لبس عم امين البقال فى القرية ان يذهب الى المركز لشراء بعض من انواع البقالة واذ به يرى عم هنداوى وهو جالس امام الجامع بائس حائر فلم يكلمه وذهب الى القرية
واول من ذهب ذهب لمنزل هنداوى ولما لم يجد حسين اعلم هنية بما شاهد فصرخت هنية صرخة مدوية
أبعد كل ذلك العمر وبعد كل هذا الشقاء يشحذ هنداوى وذهبت لحسين حيث كان وحكت له ما قاله امين البقال وحكت له ما حدث معها وذهبت معه للمركز لتلحق بزوجها وابوها وحبيب العمر
وذهبت لبيت ولدها احمد فوجدته وزوجته فى غاية الامان والراحة ولم تجد زوجها فلم تجد ما تقوله لولده العاق غير انها سالت الله ان يسامحه وتركاه وذهبت مع حسين يسالان عنه الناس الى ان وجداه بجوار المسجد فى ملابس بالية فى عز الصقيع لا يقوى على تحريك يد ولاقدم واول ما راهم بكى وانتحبت هنية واخذ حسين يقبل يداه وقدمه ولكن ما لبث هنداوى ان اوصى حسين على امه وقال الشهادتين ومات وراسه على كتف ولده حسين وعيونه مليئة بالدموع وهو ينظر فى وجه ولده احمد ويده فى يد زوجته ورفيقة عمره وحبيبة القلب هنية وصعدت روحه لخالقها
وطار الحمام يرفرف فى السماء يسبح بحمد الله على نعمة كونه طير يعيش فى السماء وليس بشر يعيش على ارض لا يعرف للحب والوفاء فيها مكان
فليرحمن الله